الخميس، 19 نوفمبر 2015

لكِ يا هيباتيا .. نهاية البداية .. الجزء الأول .

لكِ يا هيباتيا :


                     نهاية البداية .. الجزء الأول ..





ولكوني رأيتُ أن الحُبَ الأفلاطوني الخجولَ الذي أحياه ... الحبَ العذري الذي أعيشُ في بحرِه وأخوضُ غِمارِه .... لا يصحُ له أن يُعرضَ علي العامةِ والدهماء. فالكلمات من هيباتيا ولهيباتيا وعنها وحدها دون غيرها...وتماهي إلي أذني وأنا تحت وطأة النُعاس في الحلمِ أنها قد ضاقَتُ ذرعًا بالإفحاص، فالكتمانُ هي ما كانت تُنشده وتأمله وتطلبه وتستحثه.
واستجابة لندائها في الغطيطِ ... سأجعل فقط الثلاث تدوينات موقوفِين لها .. وفيهم سأجمع ما كتبته لها وعنها علي شبكة "الفيسبوك" ومن ثمّ بعدها سأنقطع عن الكتابةِ لها علي أي شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي إلي أن تستجيب أو تستحث ذلك.

و لأدرأ الوقوع في الزلل وتوهم المصانعة .. فلقد أطلقت علي الرسائل المجموعة اسم
 " نهاية البداية" ... لأنها كذلك حقًا .. فالمقصود بالنهاية أي نهاية الكتابة لها علي مواقع التواصل الاجتماعي لا أمر آخر .. وأما البداية فهو منوطة بأنّ هذه الرسائل سيكون ملاذها مكان آخر غير الفضاء ... إلي الأوراق والخط بالقلمِ ... حتي يحينَ الميعادُ ... فيخرجُ المكبوت .. وينجلي المستور ..

وها هو الجزء الأول من الرسائل بين أيديكم الحين ....


الرسالة الأولي :

 يقولُ عروة بن حزام :
وإني لتعروني لذكراكِ رعدةُ ****** لها بين جلدي والعظام دبيبُ

ويقول قيس بن ذريح :
تحدثني الأحلامُ أنيَّ أرَاكم ******  فيا ليت أحلامَ المنامِ يقينُ

وأقول :
والروح إذا عشقت ... والنفس إذا هامت ... والعقل إذا اتفق ... مع القلبِ في الولعِ ... فما تُهت عنكِ وما نأيتُ ... لقد رأيت من آيات الغرامِ ما رأيت.

ثم أما قبل  :

أي نعم .. أقول " أما قبل " وليس " أما بعد " ، المُتعارف عليها في الرسميات، هذه التي أخرجها لنا من تحت عمامته وتفوه بها الخطيب القدير " قِس بن ساعدة " في سوقِ عِكاظ .
أما قبل _ وللأسف_ لستُ مُبدعها، ومُبتدعها ... لا خالقها وموجد تركيبها، فمُعطي لها معني .. فصاحبها هو الأستاذ القدير، أحوذي اللغة..  مصطفي صادق الرافعي حيث يقول :

" وأسميها وصل الماضي وبها نجعل لما فاتنا مما نحبه أو نؤثره لسانًا ونعيد الصوت، ونفتح له بابَ الساعةِ التي نكون فيها، ونخترع للمحبين لفظًا سحريًا لم تستطع حواء بجنةِ خُلدِ أن تُوحيه لآدم ... وأوحيته أنتِ لي بمجلسِ حبك في لحظةِ "

 فهذه هي أما قبل .... وذاك هو منطقها والذي حتمًا سأستعين به لتبيان دخيلة نفسي أو فلتقولي هو كافِ ..

لذا فاليوم سأتعري أمامك، أُجرد النفس من كُل ما أعتملها .. وأخذ يؤرق المضجع ... جعل الروح حائرة، مُتسائلة، مُضطربة، فرحه، مُبتهجة ... ولقد فلت من قبضتي طرف الخيط الذي كٌنت أريد أن أستهل به الحديثَ ومنه أطلق العنان للسان فيجود بالكلامِ لكِ ومنكِ وإليكِ وعنكِ ...

وتساءلت لنفسي :
هل الفعل الذي أفعله الحين _ وهو الكتابة_ سيُجدي نفعًا؟
هل سأستطيع بعد أن ينتهي بي المطاف من ملئ الصفحات البيض أن أُعطيها لكِ لتعلمي تمام العلم وكُلِ المعرفة ما أخفيه وأضمره تجاهك طِيلة هذه الفترة الطويلة ؟
هل ستتفهمين المشاعر بالقدرِ الهائل والضخم والذي خرجت به ؟!
أم هل أنني بعد كل هذا أكون في حلمِ لذيذِ ممتعِ سأفيق منه حتمًا يومًا ما ولكن في الافاقة لابد أنني سأكون مجنونًا بكِ ؟

إنني في حيرةِ من الأمر ...!



الرسالة الثانية :

يا من سأمدُ الجسورَ فيم بيننا لأعبرَ عليها تجاهها .. فأنتِ الملكةُ المتوجهةُ علي العروشِ .
من سأُفتن بعقلها أيمّا افتتان فهو يخفي من وراءه فلسفة وتمنطق وفكر وروية .. وبوجهك الذي هو مليحُ، مثل النور الذي لم يستطع الجبر الملاك أن يتقدمَ تجاه ويتخطاه، فلو فعل لاحترق .
يا من سأُنشدُ فيها قول قيس بن الملوح حين قال :
وساعةُ منكِ ألهوها وإن قصُرَت ***** أشهي إليّ من الدُنيا وما فيها.
يا من ستكونين يومًا ما ربيبة الفؤاد ... أقحوانة العقل ... تفاحة الكيانِ .. من ستُقيم المستعمرات داخل رُدهات القلبِ، ترسم الخطط .. تضع الاستراتيجيات حتي لا يستطيعُ أحدًا أن يقتربَ مهما بلغت سطوته.

أما قبل :
مذ فترة ليست بطويلة قرأتُ في رواية لواسيني الأعرج أنه :
" عندما نفني في الآخر ... نتماهي فيه... نصبح غير موجودين إلا من خلاله "
فلتعلمي علم اليقين أنني سأحبك حُبًا ملأ الأرض ذهبًا وفضة وبترولاً .. حبًا بعدد تسابيح الطيور والأشجار والجبال .... حبًا بعدد الكواكب السيارة والنجوم المُضاءة ..
سألتحم بكِ التحام الزبد بماء البحر .. سأحتضتنك كاحتضان الأم لوليدها الغائب ... سأسحبك من يديك لنهيم دون غيرنا في فلوات وأفلاك وبحار أنتِ صنعتيها وأرشديني تجاهها ..

أتسمعين هذا ؟
أتقرأي ذاك ؟

والشاعر جميل حبيب بثينة يقولُ والعذر كُل العذرِ إذا أحللنا اسم من هوي وبدلناه :
يارب لا تجعل "هيباتيا" شقوة  ******  عليّ ولا تجعلُ بهجرانها قتلي





الرسالة الثالثة :


يا من ستكونين الثمرة فوق غُصن الشجرة الريان التي سأتطلع إليها بكل سبيل مشروع لأظفر بها ... فالجزاء من جنسِ العمل ... خوخة الولع ... رُمانة القلب ...
يا من سأصل أسبابي بأسبابها يومًا ما وأوصالي بأوصالها ... من ستكون اللؤلؤ والمرجان النفيس الذي سأسعي جاهدًا باذلاً ما أستطيعه وما لم أستطعه من جهد للنصر بكِ فالجلوس بين يديك .

أما قبل :

" حدث في مثل هذه الساعة "

في الساعة الخامسة فجرًا :
أكتئبت .
فالصباح هو الغريم الأول، والنِد القوي، فالكروانُ يسبقُ بأهازيجِه إليكِ، ويصدحُ علي مسامعكِ بما يلذُ هو ويطيبُ
.
والنور الالهي المُرسل من الرب قد تحرر من عباءة الديجور ووصل إلي مُحياكِ.
والريحُ التي تجري بأمره رخاء حيث يُريد الإصابةَ قد داعبتُ خصلات شعرك الفاحم المُرسل كأنه الشلال.
لذا فهو عدو قوي، يستخدم ناموس الكون وسُلطته للظفرِ عليّ .
الصباح منه بدء الحياة.. النور هو المعين لتجلي الروح
..
الرب هو نور علي نور .. والرُسل والانبياء وجوههم نضرة ضاحكة مُستبشرة كلها ضياء..
فأما أنتِ فمنكِ بدء الحياة .. وإشعاع الروح .. والنور كُله ..

في السابعة صباحًا :
حلمتُ بكِ وقد جلسنا علي منضدة، مُتشابكي الأيدي، مُتعانقي الروح، نرسم الخطط العقلانية والقلبية لمُستقبلنا المأمول .

في التاسعة صباحًا :
تيقنتُ يقينًا جازمًا حازمًا أنكِ دُنياي، فأنتِ كياني، وأنتِ لستِ فقط المرآة التي سأري فيها نفسي، بل الروح التي تُكمل روحي، قطعة " الليجو " المُربكة عليّ .

في الحادية عشرة صباحًا :
تذكرتُ اليوم الذي رأيتُك فيه في خيالي .. فتجليتِ _ربما_ في الواقع تجلي الحور العين اللائي أردن أن يعرفن ما يدور في الأرض من أخبار .. وليرون بأعينهم أحوال العُشاق والعاشقين .. فتمثلن في البشرِ سويًا وكُنتِ أنتِ دون سواكِ .

في الثانية ظهرًا :
رأيت أن الحياة ستسحيل دونكِ، وأن الدُنيا لا معني لها طالما أنتِ لستِ فيها ، وسأعيش خار القوي، منهوك الروح، جسدًا يسير علي الأرض نحيلاً ضغيفًا، تذرؤه الرياح .

في الخامسة مساء :
قرأت بيتي شعر الأول يقول فيه صاحبه :
وليست حياة المرء إلا أمانيا ***** إن هي ضاعت فالحياة علي الأثر.
وأنتِ الأمنية الكُبري وأمل الحياة طالما تواجدتُ علي أرض البسيطة .

والبيت الثاني لقيس بن ذريح حين قال :
إذا عِبتُها شبَّهتها البدر طالعًا **** وحسبُك من عيبِ لها شبه البدر.
لقد فُضَّلت هيباتيا علي الناسِ مثلما **** علي ألف شهر فُضَّلت ليلة القدر.

في السابعة مساء :
تخيلت اليوم الذي سأتِ وسط الأهل، أطرقُ البابَ، أجلسُ وسط حفاوة وتقدير واحمرار للوجنة والأذنين وأذيب خجلاً في الكُرسي الذي سأجلس عليه، والأخوة يتلصصون النظر ليروا هذا الذي قد جاء وسيخطفها من بين أظفارهم، والدمعة مُنحدرة من والدكِ لأن ابنته ستتركه يومًا ما .

في العاشرة مساء :
وجدتُ الكُتب في المكتبة أمامي، مُبتسمة أيمّا ابتسام، ولا أعرف لهذا سببًا فتلك المرة الأولي، وسألتهم كل الكُتبِ دفعة واحدة فقالوا في صوت واحد كأنهم في وسط معركة حامية الوطيس :
لقد أوحشتك هيباتيا ... ها أنت تُريد رؤيتها ... لقد أوحشتك هيباتيا ..
 يا أيها الصغير المُدلل  الناشئ في رحاب الأدب الواسعة.

في الثانية عشرة ودقيقة بعد مُنتصف الليل :
دعوتُ لكِ بالمباركةِ ... ولعقلك بالدوام علي منطقه القويم ومنهجه السليم .. وأستبصرت اليوم الذي سأقف في رومانتيكة شديدة، لأُقدم لك خاتم الزواج وأقول :
                                 " أُحبك"


هناك 3 تعليقات:

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. راق لي كثير
    حتما هيباتيا محظوظة بمن يكتب لها تلك الكلمات
    دمت بخير

    ردحذف
    الردود
    1. شكرًا جزيلاً وللغاية ... شكرًا بحجم الأكوان .. ملئ الأرض خيرًا .. وشكرًا بعدد كًل المُفرح والمُسعد

      ودمتم بكُل حبور وبِشر ^^

      حذف