الجمعة، 20 نوفمبر 2015

لكِ يا هيباتيا ... نهاية البداية .. الجزء الثاني ..




لكِ يا هيباتيا :

                                       نهاية البداية .. الجزء الثاني .


ولكوني رأيتُ أن الحُبَ الأفلاطوني الخجولَ الذي أحياه ... الحبَ العذري الذي أعيشُ في بحرِه وأخوضُ غِمارِه .... لا يصحُ له أن يُعرضَ علي العامةِ والدهماء. فالكلمات من هيباتيا ولهيباتيا وعنها وحدها دون غيرها...وتماهي إلي أذني وأنا تحت وطأة النُعاس في الحلمِ أنها قد ضاقَتُ ذرعًا بالإفحاص، فالكتمانُ هي ما كانت تُنشده وتأمله وتطلبه وتستحثه.
واستجابة لندائها في الغطيطِ ... سأجعل فقط الثلاث تدوينات موقوفِين لها .. وفيهم سأجمع ما كتبته لها وعنها علي شبكة "الفيسبوك" ومن ثمّ بعدها سأنقطع عن الكتابةِ لها علي أي شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي إلي أن تستجيب أو تستحث ذلك.

و لأدرأ الوقوع في الزلل وتوهم المصانعة .. فلقد أطلقت علي الرسائل المجموعة اسم
 " نهاية البداية" ... لأنها كذلك حقًا .. فالمقصود بالنهاية أي نهاية الكتابة لها علي مواقع التواصل الاجتماعي لا أمر آخر .. وأما البداية فهو منوطة بأنّ هذه الرسائل سيكون ملاذها مكان آخر غير الفضاء ... إلي الأوراق والخط بالقلمِ ... حتي يحينَ الميعادُ ... فيخرجُ المكبوت .. وينجلي المستور ..

وها هو الجزء الثاني من الرسائل بين أيديكم الحين ....


وهذا هو الجزء الأول :
http://ramaatan.blogspot.com.eg/2015/11/blog-post_89.html



الرسالة الرابعة :


يا من ستكونُ تفاحةَ الولعِ ... من سأكون كلِفًا بها وهي مُغرم بها حد الجنون وهذا جائز في عُرف العُشاق والمعشوقين ... شذا الوجدان ... من ستكون أملُ الدُنيا الدانية ما حييت علي وجه البسيطة .


اليوم تعلمت مبدأ وفكرت في آخر .. وكليهما استغرقا كُل الوقت مني .. ولم أرتح وأظن إلي الآن ..

علمتُ وأسعي حثيثًا في هذا أن إنسانيتنا  وحضارتنا التي ننتمي إليها لابد من التصدق عنها وتنميتها من العطب المُلاصق لها مذ فترة سحيقة بعيدة .
والانسانية هي كيان الفرد كاملاً من شوشة رأسه إلي أخمص قدمه ... هي ما تميزه عمن سواه من مخلوقات أوجدها الباري رأيناها رأي العين المجردة وتسعي وئيدًا فيم بيننا .. وأُخر تُري مجهريًا
.
والصدقة والتصدق علي الانسانية الشمولية، الشاملة يكون بالتفكيرِ.
وأظن ظنًا يقتربُ من اليقينِ أن التفكير هذا لابد من أن يبدأ من النفس التي ترتع في بحبوحة بين حنايا الضلوع، ومن ثم حينما ستكون شغوفة بمعرفة الآخرين .
لأن من عرف نفسه جيدًا_ وذاك عسير لو تعلمين عظيم_فقد عرف غيره
..

وأعملت جُزئيات التفكير في كيفية اللقاء بيننا ؟
في ماهيته؟
التطوق النفسي لمكانه؟
هل سيكون مثلاً علي حافة النيل الرقراق المُنساب مياهه في خفوت وأناة ؟
هل سيكون في مكانِ لا يعرفه غيرنا تكتنفه الأشجار الباسقة .. وتُحوطه الأزهار اليانعة .. والشمس المُصفرة مُنحدرة إلي محضنها بعيدًا في الأفق ... والعصافير تُزقزق زقزقة العودة ممتلئة البكن، تُسبح الخالق علي ما حصلت عليه اليوم ؟

ما هو شكلي ونظراتي عندما أقف أمامك كالمبتهل_ قديمًا_ أمام صنمه وأحكي لكِ عما في الصدر و العُذري الخجول المكبوت في طيات القلبِ؟
ماذا سيكون ردة فعلك؟
هل الاعراض والترفع؟
هل التواجب الخفي المشروط؟
هل الازورار .؟
هل .. ؟ هل ... ؟

وبرغم التأويل السيئ الذي حط علي عقلي .. وبالرغم من الافتراضات التي تسعي في غير ما تهوي النفس .
فروح العاشق المُغرم تُخبرني دومًا في أثناء نُعاسي أن الأمرَ سيكون كما أهوي وأشتهي .. فمن أعتمد علي الباري فهو الظافر .. ومن أتخذ المنفذ السليم فهو المُظفر .




الرسالة الخامسة :

 يا من ستكونين الدُنيا التي سأرتكن إليها وقت الضيق ... من سأخذ بيدها من القاع المُزدحم فأزُج بها ناحية طموحتها وأحلامها .... بنفس القدرة والقوة التي ستنتشليني بها ... رُمانة تلافيف عقلي ... تفاحة رُدهات قلبي ..

يا من ربما الآن تكونين نائمة .

أو مُتستيقظة تتنقلين داخل المملكةِ الزرقاء التي أخرجها لنا " مارك زوكربيرج" إلي النورِ وهو قابع علي حاسوبه في غرفته .

أو تتحدثين إلي صديقة لكِ هي بالأحري أُُختك التي ولدتها بطن غير أمكِ.

أو مُنكبة علي جُزء مستعصي من الدراسةِ تحاولين سبر أغواره.

أو مُنكفئة علي رواية تقرأينها ولمّا لاحظتِ النزعة الرومانسية داخلها فاضت عينيك بالأدمع .

أو ربما جالسة علي كُرسي من الخشب المتين في الشُرفة، مُمددة القدمين أمامك، وقدح الشاي تتراقص أدخنه وتُداعب أرنبة أنفك التي أظن أنها ستكون دقيقة كمنحوتات " مايكل أنجلو " فتنظرين إلي الظلام الدامس الذي حلّ بالأرجاء ... تعملين تلافيف العقلِ ... وتتأملين في الفراغ والسديم الأسود .

أو ربما تضعين سماعات الأذن .. زهقت روحك وضاقت نفسك من الأغاني التي تصدح في السياراتِ ووسائل النقل العامة.. فبحثتِ عن أشعار جاهلية، فكان أمامك شعر قيس بن الملوح حين قال لحبيبته ليلي :
اللهُ يعلمُ أن النفسَ هالكةُ ............. باليأسِ منكِ ولكني أٌعزَّيها
مُنَّيتُكِ النفسَ حتي قد أضر بها.......... واستيقَنت خُلُفًا مما أمنيها
وساعة منكِ ألهوها وإن قَصرت ............. أشهي إليّ من الدُنيا وما فيها

أتعلمين عندما تكونين بين يدي ساُحبكِ بعدد الكواكب السيارة .. وعدد النجوم التي ترتع في بحبوحة في أديمِ السماء الصافية ليلاً .. بعدد الجبال والطير التي تُسبح بحمده .. بعدد الحصي والرملِ .. بعدد الأزهار المُتفتحة في الربيعِ ..





الرسالة السادسة :

ولقد كتبت هذه الرسالة في الذكري السنوية لوفاة الأديبة الآنسة " مي زيادة"..


يا من ستصل أسبابي بأسبابها يومًا ما وأوصالي بأوصالها ...

يا من سأنُشد فيها وفي حضرتها قول قيس بن الملوح حين قال :
وساعةُ منكِ ألهوها وإن قَصُرَتْ ....... أشهَي إلي من الدنيا وما فيها
أتعلمين أن اليوم هي ذكري رحيل الأديبة الشهيرة " مي زيادة "؟ .
الأديبة التي فجعت الكثير من الأُدباء والكُتاب وسطرت لها في بدايات القرن العشرين أزكي وأعف وأجمل قصة حب عُذري حدثت في ذلك الوقت .

فالرافعي بقامته حاول الاتصال بها، واتصل وأبدع لنا في المكتبة العربية الكثير من المكتوب في فلسفة الحُب والجمال والعشق والغرام .. ولكن  العشق لم يكُ مُتبادلاً بعض الشئ وكان مُصابًا بالفتور . مُفتقد للحرارةِ .

العقاد بسطوة لغته حاول وكرر المحاولات ولكنه فشل في مسعاه في نهاية المطافِ.

الدكتور طه حسين ..أليف روحي .. حاول هو الآخر بعد أن أُفتِن بصوتها حينما حضر صالونها الأدبي الذي كان ينعقد كل يوم ثلاثاء .

وكان هُنالك أيضًا أستاذ الفلسفة والأجيال أحمد لطفي السيد .. والأستاذ سلامة موسي .. وغيرهم مما ضن التاريخ بذكر أسمائهم .

وفي النهاية صدت هؤلاء كلهم لأجله .. لأجل الذي لم تُشاهده ولا يومِ في حياتها .. لأجل الذي يفصل بينه وبينها الملايين من رذاذ مياه المحيطات .. لأجل الذي دارت فيم بينهما رسائل ملوء بعبارات حب عنيفة .. قوية .. جارفة .. إنه الكبير ومُرهف الحس .. أحد شُعراء المهجر .. الأديب جبران خليل جبران .

أتعلمين أنه بعد وفاته .. مادت الأرض من تحت قدميها .. ودخلت في نوبة نفسية عظيمة  .. وكانت هي السبب الرئيسي في وفاتها وانتقال الروح إلي الملكوت الرباني .

فأسالك ... ؟
هل ستتركين المجال لنا لنخطط لذكرانا في دفتر المغرمين .. المُحبيبن ؟
هل سنكون ضمن المدرج أسمائهم في صف العاشقين .. المولعين ؟
هل سنجعل التاريخ رُغمًا عن أنفه الغليظة أن يُدون أسماءنا وألقالبنا  وأحاديثنا وحوراتنا الجمة؟
أظن إنكِ أنتِ عندما تأتين وستأخذين بيدي وتدفعينني تجاه هذا دفعًا حثيثًا .. وئيدًا .. 



هناك تعليق واحد:

  1. رائع
    اتمنى ان تلتقي بهيباتيا في القريب العاجل لاني بت اخشى ان تصاب بما اصيبت به فيرجي
    دمت بخير

    ردحذف