الأربعاء، 13 أبريل 2016

نظرة انبطاحية

في أحضان الكُتب
                                         
                                   نظرة انبطاحية


ولكي يمنعَ الأستاذ بلال فضل عنك الحرج، ويدفع بك بعيدًا عن الظنِ ومساوئه، أخبرك في مُستهل الكِتابِ أنّك لابد سائلُ عن الوقتِ الذي خُطَ فيه الكِتابُ؛ هل هو قُبيل الثورة أم في خِضمها أم بعدما نجحت الصيحات ورحلت القيادة المُباركية _ شكلاً لا موضوعًا_ ؟
فلا أنا ولا الأستاذ بلال ولا الرجل المُرتعشية يداه، المُقطعة ثيابه، الجالس علي جانب الطريق يمد يد العون، نستطيع أن نحدثَك عن ذلك، ولكن الواقع المُدلهم المُحيط بك هو الذي سيخبرك، أم لم تذهب للواقع المحيط، تأمل نفسك وحالك ومحتالك وستعرف هل هذا قبل، ولا تنتظر أن أقولَ لك أم بعد ؟
و ” ست الحاجة مصر ” كغالبية كُتب العم بلال فضل؛ فهي مقالات شبيه بنصل سكين حاد بعدما سُنّ أو هو علي طول الخط مُسنن وجاهز لقطع ما لابد منه قطعه.
وهي صيحات أسد جسور غيور علي وطنه، ليس له إلا قلمه، به يُشيرُ إلي السيئ الذي كثر والأسوأ الذي عمّ وفاض، لعل العجائز المُلتصقة بالكراسي تتحركُ، تتحفزُ، تُثار فيها حمية الجاهلية، فتأخذ أي إجراء إحترازي بديلاً عن وعودِ براقةِ، وآمال كاذبة، فما أشبه اليوم بالتكتل الوطني الديمقراطي جدًا، آخر حاجة، الذي كان شِعاره :
” من أجلك أنت سنمصُ دمك ونسلب حياتك بطيئًا بطيئًا “.
عُذرًا قد كان ” من أجلك أنت” أما البقية المُتبقية سمعت هسيسها وأنا نائم بعد يوم عُصيب داخل إحدي المصالح الحكومية.

ولا أعرف هل هي ميزة أم عيب؟ فكُل المقالات ستشعر بأنها طازجةُ، صالحة لهذا الزمن البائس الذي نعيش فيه، فها هو في المقالات الأولي يتحدثُ عن الساقية التي نعيش فيها نحن المصريون منذ قديم الأزل، ويتحدث عن العفن في المُستشفيات من خلال نافذة والدته أو الطفلة جُمانة المريضة بالقلبِ التي راحت ضحية إهمال أطباء أجلاف وروتين أحمق _ هُنالك ألفاظ أخري حاول أن تستنتجَها_، وستري أنّه يتحدث عن جِدية وضرورية وحتمية تجديد الخِطاب من خلال خُطبة الجمعة التي سمعها في يوم من الأيامِ، يتحدث عن حالة البأس المصري التي وصلت إلي نفوس أبناء الوطن، حتي أصبحوا يتكاسلوا ويتقاعسوا عن خِدمة بعضهم البعض، وغيره وغيره من الأمورِ التي ستشعر بل ستتأكد أنك تعيش في وسطها هذه الأيام، لا من سالف العصر والأوان المُبارك .

فما زال الوطن جريحًا، وما زالت الأحداث الداخلية الجِسام أو الخارجية تُنزل من هيبته، وما زالت التصريحات العبثية والقرارات الفوضوية تُؤخذ، وما زال العفن في المستشفيات و الطرقات وضرب السياحة والتعليم البائس كائنًا ومتواجدًا، وستظل عدالة السماء ممتنعة في النزول علي إستاد الوطنِ، لأننا نُحب الخسارة علي طولِ الخط، ولا نمتلك أية وسائل أو خطط واضحة نخرج بها من هذا الوضع.

وبعدما طويت المقالة الأخري الذي فيها يحاولُ وأجاد الأستاذ بلال في أن يستنطق الجندي المجهول، قرير البال، المدفون في قبره، الذي قرر أن يترك الضريح ويجوب أراضي البلاد الواسعة فيري من حالها وحال العِباد، الذين قد دفع من أجلهم حياته ودماءه؛ ليعيشوا حياة آدمية كريمة، فوجد أن أحفاده قد احتشدوا في الميادين المُنتشرة في بقاع البلاد، ينادون بأعلي صوت لسقوط نظام أرعن، فاسد، فطويت الكِتاب، وتساءلت لم الأمور السياسية والأوضاع الإجتماعية المُتردية متجددة، صالحة لكل زمان ومكان، هُنا، في بلد المُضحكات المبكيات ؟

وها هو سمعي يصل إليه قول أبو العلاء المعري حينما قال :
تُحطمنا الأيامُ حتي كأننا **** زجاج ولكن يُعادله السَّبك.