الثلاثاء، 5 يناير 2016

الأحلام المحمودية



في الأحضانِ المُلتهبةِ :
                                   الأحلام المحمودية

والعلاقة بيني وبين الدكتورِ الكبيرِ والانسان الرحيمِ والفيلسوفِ العظيم والأديب المُبدع بدأَت مذ عهدِ بعيدِ سحيق .
 أذكر بعضها وتُنسيني الهمومُ جُزئها المُتبقي ..
ومما أذكره بذاكرةِ الأطفالِ التي شخصي مُصاب بها .. أنّ أول الخَصاص التي من خلالها تطلعتُ علي بهاء الدكتور مصطفي محمود كان في برنامجِه الشهيرِ العلم والايمان .. وموسيقي الناي التي تُشبه أنين طفل قد شرد عن أمه في السوقِ فظل ينوحُ، وظلت تبكي حتي عثرَ عليها وأرتمي بين أحضانها .

والرجلُ مُبتسم الثغر الذي كُنت قد أبتعت من لدنه جهاز الكمبيوتر الأول، حزن أيّ حزن أن يعط لنا الجهاز بدون أن يعبأه ببعض آيات الذكر الحكيم .. وقليل من الأفلامِ  التي لن تضرَ وستنفعَ .. وشئ من البرنامجِ التي قد يُستعان بها علي الفيروسات الفتاكة التي تعطب الجهاز .. وغيره مما قد تلقاه علي أول حاسوب يتلألأ نوره داخل رُدهات البيت وأعطافه_ وافرحتاه لأنني أصحبت من أرباب الحاسوب حينها وربما في لاحق الأوقات أنثر لك قصته؛ فلكل مقام مقال _ .

ومن بين الأشياء الكثيرة تلك كانت بعض حلقات لهذا البرنامج، وأتذكر منها حلقة
" أينشتين والنسبية " التي ظللت أشاهدها وأنا لامع المأقتين من شدةِ الفرح جراء الكلام الذي يُلق علي مسامعي_علي الرغمِ من أنّ وقتها العقل لم يصب الكثير_، وما أسمعه من أقاويل لم أعرف بها من ذي قبل أبدًا.
وللحق أعلن أن اسم الدكتور مصطفي محمود كان يتردد في جوانب المنزل من قِبل أمي الرءوم العطوف .. التي كانت لها مساعِ كثيرة سواء في زجي ناحية القراءة والدفع بي نحو موارد الكتابة.

واليوم الحديث عن كتاب " الأحلام " .. الذي ما إنّ تستعذ بالمولي من الشيطان الأفاك .. وتُبسمل .. ستجد الدكتور مصطفي يتحدثُ عن العقيدةِ وكيف أنّ لها شهوة؟ وما هي تلك الشهوة المنوطة بها ؟ ... إلي آخره .

وها أنت ذا ستستهل في الكتاب، فستجد نفسك أمام ثلاث أجزاء أو أبواب_ كما أتوهم _ :

الجزء الأول:
 فيه يتحدث عن ماهية الأحلام ؟ وهو مُبدع في عرضه وتحليله حيث أورد معني ومُراد الأحلام عند بعض من أعلام علم النفس والفلسفة من أمثال :
برجسون ، ويونج، وفرويد .. ثم في نهاية الأمر يدس لك الخلاصة التي هي في رأيه :
" إنّ صاحب الحلم هو الذي يضع نظريته.. وهو الذي يضعُ رموزه "

والجزء الثان :
يتحدثُ فيه عن الحبِ .. ورأيه فيه والشكل الذي قد يبدو عليه، وهنُا اعترف واستغرب! ..
فأما الاعتراف فهو أنني ربما أثارة هذا الحديث عن الحبِ وأشابة منه قد قرأتها في كُتبه من ذي قبل مثل : " عصر القرود " أو " في الحبِ والحياة " .. وهنا تلبس هُنا في " الأحلام " الحُلي والديباج الذي يُزين ولكنه يشترك مع أصحابه في الكُتب الأخري في الملبس الداخلي ..
وأما الاستغراب هو أنّ الدكتور مصطفي في هذا الجزء .. مُتفتح في فكرة الحب .. وله حُجة قوية واستدلال عظيم علي جمال الحب ورونقه وروعته ولكنك إذا نظرت للرجل في حياته الخاصة وجدته قد طلق مرتين في حياته ! وهذا يدعو للعجبِ أيّ عجب ..
وكالعادة أورد الخلاصة في رأيه الموجود في صفحة 96 حينما قال :
 إنّ سقوط الكلفة وتكاشف الحبيبين بخفايا نفوسهما وتعارف الأثنين نفسانيًا مكشوفًا .. ضروري لنشوء الحب .. ولقيام العِشرة الناجحة بعد الزواجِ .. وبغير هذا لا أمل في حل هذه المُشكلة المُعقدة وبغير هذا سيظلُ
الزواجُ والحب أكاذيب مُتبادلة .

الجزء الثالث :
فيه يتحدثُ عن معانِ ومفاهيم عديدة من التي تُحيط بنا في مجتمعنا مثل الصداقة التي قال في حقها معانِ كثيرة أثلجت صدري وأينعت أيامي مثل :
" احتفظ بصديق تفتح له قلبك .. وتكشف له خباياك وجروحك ..صديق تغضب معه .. وتثور معه .. وتكره معه .. "
وقال أيضًا :
" إنّ الصديق أحسن وقاية من الصدمات لأنك في كُل مرة تكاشفه فيها .. تتحلل
نفسك .. ثم يتم تركيبها من جديد في سياق سليمِ
"

وتحدث عن مفاهيم أخري .. مثل القلق الذي فيه وضع منهاج للشخص القلق ما الذي يفعله ؟ وما عليه أن يُنجزه تجاه نفسه وتجاه المجتمع ..
وأذكر أن في أحد الفصول المعنونة ب " الواقع أنّ " ذكر أن الفرد منا عليه بين الحين والآخر أن يخرج خارج الجسد .. خارج الكيان المزجوج داخله .. وينظر لنفسه .. وليحاكم نفسه علي ما يرتكب ويفعل من أعمالِ ..

والجزء الثالث والاخير :

فيه أورد أقوال غير مأثورة كما هو مُدرج في أول الجزء هذا .. وفيها ستري اللوعة .. وتضحك حتي يتعجب الجالسون جواره من كم الضحك والقهقه الصحيحة النافذة علي ألسن أصحابها ...
 والأقوال هذه أوردها الدكتور مصطفي علي ألسن أُناس عاديين .. كأنّه ربما أراد أن يضرب المثل في أن الفلسفة ليست في برج عاج بعيد عن العامة والدهماء .. وأنّ الكُل فيلسوف ومُتفلسف ..

وعلي كثرتها أخترت :
"" سلة القمامة التي نلقي فيها بكل أفعالنا .. هي كلمة قسمة ونصيب "

" السعادة كالنومِ كلما انتظرتها وسعيت إليها .. هربت منك وطارت من جفنيك "

" الطريقة الوحيدة لتحويل الكتب الأدبية الطريفة إلي كتب سخيفة هي تقريرها علي المدارس "


ولاحظت في الكتاب أنّ الدكتور مصطفي يميل ميلاً شديدًا إلي استخدام الجمل القصيرة التي لا تتعد رُهيط الأسطر .. وأنت ستستطيع أن تُشاهده جليًا واضحًا وخصوصًا علي مواقع التواصل المُختلفة .. إذ أنّ " المنشورات " يكون أغلبها الأعم من كلام الدكتور في عبارات مُقتضبة ولكنها نافذة .

الكتاب جيد وجدير بأنّ يُقرأ ..

 وهذا تعريف النافذة "" في الأحضانِ المُلتهبةِ "" : وفيه سأتحدث عمّا قراته من كُتب والرأي فيها والتعليق عليها، وربما في يومِ يمتدد الأمر من الكتب إلي الأفلام أيضًا .